قصة الفجر الممطر- المتسابقة اماني مرسني - مسابقة Eghelp الادبية 2015
صفحة 1 من اصل 1
قصة الفجر الممطر- المتسابقة اماني مرسني - مسابقة Eghelp الادبية 2015
الفجر الممطر,اماني مرسني, تونس, قصص, شعر, مسابقة ادبية,
المشاركة رقم : 8
العنوان : الفجر الممطر
الكاتب : اماني مرسني
النوع : قصة
الفجر الممطر
-1- آمال
في هذا المساء الاخرس حين يغطي الصمت الافق, يجلس قرب البحر شاب وسيم وجهه يشع نورا. ولكن هل يشع من شدة الأمل ام من الدموع التي ملأت عينيه؟ الجو هادئ وامواج البحر هادئة الا ان امواج قلبه لا تهدأ. الطبيعة نائمة ولكنه لم يعد يعرف للنوم معنى. يغمس يده في الرمل ثم يرفع رأسه للسماء فيرى النجوم وحيدة بدون قمر يكاد الظلام يطمس نورها الذابل. هو انسان حالم مثلي. في أغلب الأوقات يشعر بأن لا احد يفهمه فيغوص في أحلامه ويسبح في عالمه الخاص محاولا الهروب من الواقع المرير. كل ليلة نأمل أن يأتي فجر جديد يصرخ فيه الصمت ونرى فيه القط والكلب والفأر يقبلون بعض ويتناولون خبزا وحليبا مع بعض. متى سيتحول السلاح الذي نقتل به الى جيتار نعزف بها لحن الحرية؟ متى سنرى العصافير المسجونة تحلق في الفضاء؟ ليت الفجر البعيد الذي نرقص فيه ونغني تحت المطر يأتي.
-2- أول يوم
كل صباح وكل مساء منذ كنت طفلة لا اسمع او ارى في التلفاز سوى النشرة الاخبارية منتظرة الحلقة الاخيرة. مضت سنوات والى حد الآن لم تأت. هكذا هما امي وابي لا يشاهدان سوى الاخبار رغم اسرار اختي على رؤية بعض المسلسلات. قبل ان اذهب الى الجامعة سمعت المذيعة تقول: > اوباما يعبر عن قلقه حيال ما يحدث في الدول العربية.> وهاهو الوجه البهي يطل من الشاشة: < يؤسفني جدا ما يحدث في الدول العربية لذلك قررت ان ابيع لكم قنبلة ب000 75 دولار عوضا عن 000 150 دولار بالاضافة الى 000 70 بندقية مجانا و24 قذيفة هاون, لكل دولة قذيفة.> انهيت فطوري ثم حملت كتبي واتجهت الى الجامعة. عندما وصلت بقيت اتجول داخل الكلية وانظر يمينا ويسارا لاكتشف ما بداخلها. كان اول يوم لي في الجامعة حيث اصتدم بس شاب مسرع دون قصد فسقطت جميع الكتب من يدي وتبعثرت الاوراق. اعتذر وانخفض ليجمعهم معي, فلفتت نظره احدى الصور التي رسمتها. كانت صورة يد تشق الارض وتخرج حاملة علم فلسطين. مسكها والقى عليها نظرة اعجاب ثم اعادها الي وقال بصوت خافت: < رائعة !> ثم ذهب. دخلت المدرج لأحضر المحاضرة. وتعرفت على عدة طلبة واساتذة. في اخر الحصة قال الأستاذ: < انتهى درسنا اليوم وشكرا على حضوركم ونومكم. نلتقي في المرة القادمة ان شاء الله. >
-3- أعظم الحكام
بعد خروجنا من الجامعة رأينا حشدا من الناس يركضون كالثيران متجهين للاستماع الى خطاب الرئيس. هتف احد الزملاء: < فلنذهب نحن ايضا.> اتبعناهم حتى وصلنا. فاذا بالسيد الرئيس حفظه الله وادامه لنا ات على حمار والجميع يصفقون له. انه من اقوى الحكام واكثرهم كاريزما لان بطنه كبيرا. بدأ خطابه كالاتي: < السلام عليكم, سيداتي وسادتي شكرا على الحضور. السلام عليكم, مشكورون على الحضور. انا هنا من اجلكم, من اجل الاستماع لمطالبكم وتنفيذها. انا هنا من اجلكم... نحن نعمل على تحسين العيش وحفظ الخبز والبقدنوس لكي لا يموت الشعب جوعا وكما تعلمون ان الخبز والبقدنوس من ثروات البلاد التونسية. وتبقى الطحالب طحالب حتى لو باضت في عشها الثعالب. وتبقى الثعالب ثعالب وتبقى الطحالب طحالب.> طال خطاب السيد الرئيس حتى نام نصف الجمهور والنصف الاخر غادر. ويبدو ان الحمار المهذب تعب فانفلت فجأة وهرب بالحاكم وبما انه حمار امريكي سريع لم تستطع سيارات الشرطة اللحاق به. ركض بعيدا ورمى بالرئيس في الوحل. اخذوه الى القصر وجلبوا له بنتين لكي تحممانه. سكبت عليه احداهما الدينول و الاخرى تايد ثم اخذتا مكنسة ومشط. وهو يصرخ: < هاي اين الشامبو الخص بي؟> ولكنهما صامتتان لا تنطقان بكلمة. غضب كثيرا وصرخ: < توقفا, والله لأحشرنكما في السجن.> ثم دفعهما ووقف. وعندما بدأ يمشي انزلق وسقط فبقيت قدماه معلقتان وهو يكرر: <والله, والله لأحشرنكما في في السجن.
-4- النفق
جلبت كتابا وجلست في حديقة الجامعة. رفعت رأسي فرأيت الشاب الذي اصطدم بي جالس على بعد امتار ويقرأ كتابا ايضا. عندما التفت ورآني ابتسم ثم عاد للقراءة. بعد دقائق قام من مكانه واقترب مني ثم قال: - مرحبا يا صاحبة الرسوم الجميلة . - اهلا... -اسمك رشا على ما اذكر؟ - نعم.. انا نسيت اسمك. - ياسين, من اصل فلسطيني. - حقا؟ اهلا وسهلا ! - ممم.. في الواقع هناك شيء في محاضرة اليوم حيرني.. - تفضل, اجلس. كان الدرس صعبا فتعاونا حتى فهمناه. ثم ذهبنا نتجول في انحاء الجامعة فرأينا قسما قديما في الخلف منفصل عن بقية الأقسام. دفعنا الباب ودخلنا. كان مثل البيت المهجور مملوء ترابا وفيه طاولة قديمة تناثر عليها الغبار وفوقها بعض قوارير الزيوت الطبية ومكونات ادوية. التفت يسارا فرأيت حفرة مظلمة. أشرت لياسين بأن نذهب لرؤيتها. اقتربنا منها وبقينا نتأمل ونفكر في ما بداخلها. قال: - لا شك انه نفق. - نعم. انظر هناك سلم. فلننزل لنرى ما بداخلها. - لا, انتظري . سكت قليلا ثم جلس على ركبتيه وادخل رأسه في النفق وصاح: <هل من احد هنا؟ هاااايي هوووو اوووو..> فرجع الصدى. وقف وقال: <لا شيء هنا. فلنخرج
-5- التظاهرة
في الفجر يصدح صوت الاذان العذب فيسمع اهالي الكهوف. يستجيب الكون لهذا النداء ويصلي. فتسجد الجبال وتسبح العصافير والانهار. في الفجر تسمع الكثير من الاصوات الرائعة باستثناء صوت المطر الذي لم نسمعه منذ زمن بعيد. فقد جفت السماء ويبست الأرض. انتظرت شروق الشمس واحضرت رسوماتي لان في ذلك اليوم كانت هناك تظاهرة ثقافية عن القضية الفلسطينية. احضر ياسين قصائده والتقينا ببقية الشباب. عندما بدأت الصق الصور مع الفتيات اتى شاب غريب, منظره يوحي بأنه ليس عربيا. كان ينظر لصوري ثم التفت لي وابتسم بسخرية وقال: - هه مبدعة انت رجع يتأمل الصور ثم تكلم: - أنتم العرب لم أر أغبى منكم قط. تظنون انكم الأفضل وأنكم ستتقدمون ولكنكم لا تحترمون حتى اشارات المرور. تظنون أن عند حرقكم علم اسرائيل تعتبرون انتصرتم. كلا ! أنتم في الواقع احرقتم اعلامكم قبل ان تحرقوا علم اسرائيل او امريكا. لن تفعلوا شيئا, لن تتقدموا ولن تهزمونا. التفتت فتاة كانت تقف ورائي وتقدمت منه وهي غاضبة: - ماذا كنت تقول؟ ياغبي, يا كافر, يا أحمق, يا ملحد, يا..... ضحك الشاب بسخرية: - هه بالضبط, بارعون في الشتم فقط. نحن اخلاقنا لا تسمح لنا بالشتم. اشتد غضب الفتاة حتى نزعت حذاءها ذي الكعب العالي وضربته به على رأسه. اسرع الشباب واخذوه بعيدا. وياسين الذي لم يكن معنا اتى يتساءل: ماذا يجري هنا؟
-6- مواطن بلا هوية
كانت تظاهرة ممتعة دامت حتى المساء. بعد ذلك خرجنا نتجول في المدينة. قلت لياسين: - كان اداؤك جميل وقصائدك رائعة. - بل صورك الاروع. ثم رفع رأسه وقال: - كل يوم تموت نجمة وتولد اخرى. جلسنا على مرتفع يطل على البحر. حيرني حزن ياسين وصمته, فسألته: - لماذا تبدو هكذا دائما؟ الا تضحك؟ رسم على وجهه ابتسامة حزينة ثم ضحك: - هههه.. ما رأيك الآن؟ - ممم. كيف أتيت من فلسطين الى هنا؟ - في الطائرة. - لااا... انت قلت انك فلسطيني. فما الذي اتى بك الى تونس؟ - اه فلسطين... قصة طويلة. - اريد ان اسمعها - قد جفت دموعي من تلك الفواجع اخذ نفسا عميقا ثم بدأ يحكي قصته: - كنت طفلا اعيش مع عائلتي التي يغمرها الدفئ. كل يوم يأتي أبي للمدرسة ليعود بي الى المنزل في بعض الاحيان تأتى امي او اخي. اعود واجد امي قد احضرت ألذ عشاء. ألعب مع اخوتي واطفال الجيران. ذات يوم لم تأت امي للمدرسة لتأخذني و لا ابي ولا حتى اخي. عدت وحدي لأجد المفاجأة.... رفع رأسه الى السماء وعيناه تلمعان, اغمضهما واخذ نفسا عميقا ثم عاد الى الكلام - لم يبق شيء.. المنزل أصبح كومة حجر.. جمعوا أشلاء والدي ووالدتي واخوتي ووضعوهم في كيس. رأيتهم يحملون الكيس ويركضون به الى السيارة والصحفيون يقفون حولي. سالت دموعي ثم أغمي عليّ. استيقظت فوجدت نفسي في مكان يشبه المستشفى وبجانبي رجل يبتسم بشفقة. هو الصحفي التونسي الذي رباني. تمنيت لو تركني مت. فوجودي بالنسبة لي لم يعد يعني شيئا. بعد سماعه انفجرت بالبكاء. نظر اليّ وقال: - لا تبكي.. لكل زلزال نهاية مهما طالت مدته.. املي بالله لا يخيب.
-7- الملحمة
جلسنا في مقهى قرب الجامعة مع زملائنا وفتحنا الحواسيب والكراسات لندرس والمذيعة في التلفزيون تتحدث: < شبت اليوم معركة بين طافس وهمروش أسفرت عن مقتل 27 شخصا من مجموعة طافس وقد صنفت صحيفة خشنروف بجربنوف همروش ضمن الفرق الاجرامية.> وقف أيمن وغير القناة بسرعة. فاذا بمذيعة في قناة اخرى تقول: < شبت اليوم معركة بين همروش وطافس تسببت في مقتل اكثر من 18 شخصا وخلفت حوالي تسعة جرحى من مجموعة همروش. وتستمر هذه القنوات الصادقة والمحايدة جزاها الله خيرا في نقل الأخبار بصفة مباشرة. ولا شك ان هؤلاء الأبطال مثل طافس و همروش سيفوزون بكأس العالم في المصارعة الجحشية لهذه السنة. خرج ياسين وجلب صحيفة ثم جلس بجانبي. فتحناها وبدأنا نقرأ الابداعات والمواضيع الرائعة. فلفت انتباهي احد المقالات, كان كالآتي: < مقتل طفل في السابعة من عمره على يد قوى مجهولة لانه جائع وبما ان الجوع يعتبر كفر يجب قتل كل فقير او جائع.
-8-الحرب
كنا في الجامعة نتابع الدرس ونصغي للاستاذة. فجأة سمعنا صوت قصف. صمتت الأستاذة وكثر ضجيج الطلبة وتساؤلاتهم ولكن الصوت تواصل واقترب اكثر. خرجنا لنرى ما يحدث, فاذا بطائرة في شكل ذبابة كتب عليها حرفي < A.A > تحدث ضجيجا قويا. القت قذائف فهرع الجميع وفزعوا. هناك شاب اصيب وفتيات اغمي عليهن. صرخ ياسين: < النفق, النفق, فليسرع الجميع ويختبأ في النفق, أيمن ادخل الفتيات في النفق بسرعة..> دخلنا النفق. رشت الفتيات الماء على وجوه صديقاتهن اللواتي أغمي عليهن. وعالج الاساتذة الشاب المتضرر. اما انا فكنت حائرة وقلقة افكر في عائلتي. حاولت الاتصال بأمي وأبي فكانت هواتفهم مغلقة. زاد قلقي واشتد خوفي فخرجت من النفق اجري. لحقني ياسين وهو يصرخ: < رشا, انتظري, الى اين انت ذاهبة؟> وقفت امام الجامعة وقلت بغضب: <هل سنبقى مكتوفي الأيدي؟ > طأطأ رأسه وهمس: < معك حق.> فجأة سمعنا صوت طفل يبكي ويطلب النجدة. التفتنا فرأينا طفلا قد انقلبت به السيارة. أسرع ياسين لينقذه ولما حاولت مساعدته انفجرت قنبلة وفصلتنا عن بعض.
-9- عاصفة النصر
جندي فلسطيني لم يتجاوز العشرين من عمره وقف فوق جسر عال ورمى بقنبلة على 3000 جنديا اسرائيليا كانوا مختبئين وراء الجبل. ثم نزل فرأى الأجناد قد ماتوا جميعا ولم يتبق سوى جنديا مصابا يتألم. رمى الجندي الفلسطيني بندقيته في النهر ونظر الى الجندي الاسرائيلي وصرخ: < طالما انتظرت هذه اللحظة. والله كنت سأقتلك وأشرب من دمك. ما الذي بقي بعد أن قتلتم أهلي, شردتم اخوتي, اغتصبتم ارضي, حرمتموني طفولتي, حجبتم عني النور طوال هذه السنين...> اقترب منه وداس على يده ثم جلس تحت شجرة واجهش بالبكاء. بعد ذلك مسح دموعه ووقف. ولئن اقبل على المغادرة فانه تراجع. وضع ذراع الجندي المصاب على كتفيه وقال له: < تمسك بي.> فعانقه ولكن الشباب ازداد غضبه. < غبي تمسك بي بسرعة انك تنزف بشدة يجب ان تعالج.> أخذ يساعده على المشي حتى بدأت قواه تتراجع ولم يعد يقدر. فحمله على ظهره حتى ظهر له المستشفى من بعيد. خاطب الجندي: < هيا يا غبي, انزل. ها قد اوشكنا على الوصول. انت ثقيل جدا. لم أعد اقدر على حملك. هيا يا غبي, انزل.> الا أنه صامت لا يتكلم ولا يتحرك. انزله وخضخضه وصاح وكرر ذلك عدة مرات ولكن دون جدوى. نظر الى يديه فوجدها ملطخة بالدماء. ثم التفت وراءه فرأى الدماء قد سالت على مدى الطريق. جلس ووضع يده على رأسه وبدأ يبكي. حتى سمع أصوات أطفال. التفت فاذا باطفال مسلمين ويهود ومسيحيين يلعبون بالكرة مع بعض ويضحكون. -10- اليوم الجديد استيقظت على صوت امي وهي تحاول تهدئتي: < رشا, اهدئي, اهدئي.> عانقتها وسألتها عن أبي وأختي فأخبرتني انهما بخير. وضعت يدي على رأسي لانه كان يؤلمني فوجدت ضمادة تغطي جرح صغير عندها تذكرت انه اغمي علي عندما انفجرت القنبلة. فصرخت:< ياسين ! > ثم طرق الباب. فتحته امي وعادت. نظرت الي وابتسمت: < انظري من اتى.> فطل ياسين من الباب ودخل. كانت يده مصابة. سألني: - هل انت بخير؟ - نعم, وانت؟ هل يدك بخير؟ - الحمد لله, نشكر الله, بخير لا تقلقي. - اخبرني ماذا جرى؟ هل الجميع بخير؟ - هناك من اصيب وهناك من قتل وهناك من هو بخير. لكنها امطرت فجر اليوم وجاءت عاصفة اخذت معها الزلزال. قريبا ستزهر الأرض بأكملها.
-
المشاركة رقم : 8
العنوان : الفجر الممطر
الكاتب : اماني مرسني
النوع : قصة
الفجر الممطر
-1- آمال
في هذا المساء الاخرس حين يغطي الصمت الافق, يجلس قرب البحر شاب وسيم وجهه يشع نورا. ولكن هل يشع من شدة الأمل ام من الدموع التي ملأت عينيه؟ الجو هادئ وامواج البحر هادئة الا ان امواج قلبه لا تهدأ. الطبيعة نائمة ولكنه لم يعد يعرف للنوم معنى. يغمس يده في الرمل ثم يرفع رأسه للسماء فيرى النجوم وحيدة بدون قمر يكاد الظلام يطمس نورها الذابل. هو انسان حالم مثلي. في أغلب الأوقات يشعر بأن لا احد يفهمه فيغوص في أحلامه ويسبح في عالمه الخاص محاولا الهروب من الواقع المرير. كل ليلة نأمل أن يأتي فجر جديد يصرخ فيه الصمت ونرى فيه القط والكلب والفأر يقبلون بعض ويتناولون خبزا وحليبا مع بعض. متى سيتحول السلاح الذي نقتل به الى جيتار نعزف بها لحن الحرية؟ متى سنرى العصافير المسجونة تحلق في الفضاء؟ ليت الفجر البعيد الذي نرقص فيه ونغني تحت المطر يأتي.
-2- أول يوم
كل صباح وكل مساء منذ كنت طفلة لا اسمع او ارى في التلفاز سوى النشرة الاخبارية منتظرة الحلقة الاخيرة. مضت سنوات والى حد الآن لم تأت. هكذا هما امي وابي لا يشاهدان سوى الاخبار رغم اسرار اختي على رؤية بعض المسلسلات. قبل ان اذهب الى الجامعة سمعت المذيعة تقول: > اوباما يعبر عن قلقه حيال ما يحدث في الدول العربية.> وهاهو الوجه البهي يطل من الشاشة: < يؤسفني جدا ما يحدث في الدول العربية لذلك قررت ان ابيع لكم قنبلة ب000 75 دولار عوضا عن 000 150 دولار بالاضافة الى 000 70 بندقية مجانا و24 قذيفة هاون, لكل دولة قذيفة.> انهيت فطوري ثم حملت كتبي واتجهت الى الجامعة. عندما وصلت بقيت اتجول داخل الكلية وانظر يمينا ويسارا لاكتشف ما بداخلها. كان اول يوم لي في الجامعة حيث اصتدم بس شاب مسرع دون قصد فسقطت جميع الكتب من يدي وتبعثرت الاوراق. اعتذر وانخفض ليجمعهم معي, فلفتت نظره احدى الصور التي رسمتها. كانت صورة يد تشق الارض وتخرج حاملة علم فلسطين. مسكها والقى عليها نظرة اعجاب ثم اعادها الي وقال بصوت خافت: < رائعة !> ثم ذهب. دخلت المدرج لأحضر المحاضرة. وتعرفت على عدة طلبة واساتذة. في اخر الحصة قال الأستاذ: < انتهى درسنا اليوم وشكرا على حضوركم ونومكم. نلتقي في المرة القادمة ان شاء الله. >
-3- أعظم الحكام
بعد خروجنا من الجامعة رأينا حشدا من الناس يركضون كالثيران متجهين للاستماع الى خطاب الرئيس. هتف احد الزملاء: < فلنذهب نحن ايضا.> اتبعناهم حتى وصلنا. فاذا بالسيد الرئيس حفظه الله وادامه لنا ات على حمار والجميع يصفقون له. انه من اقوى الحكام واكثرهم كاريزما لان بطنه كبيرا. بدأ خطابه كالاتي: < السلام عليكم, سيداتي وسادتي شكرا على الحضور. السلام عليكم, مشكورون على الحضور. انا هنا من اجلكم, من اجل الاستماع لمطالبكم وتنفيذها. انا هنا من اجلكم... نحن نعمل على تحسين العيش وحفظ الخبز والبقدنوس لكي لا يموت الشعب جوعا وكما تعلمون ان الخبز والبقدنوس من ثروات البلاد التونسية. وتبقى الطحالب طحالب حتى لو باضت في عشها الثعالب. وتبقى الثعالب ثعالب وتبقى الطحالب طحالب.> طال خطاب السيد الرئيس حتى نام نصف الجمهور والنصف الاخر غادر. ويبدو ان الحمار المهذب تعب فانفلت فجأة وهرب بالحاكم وبما انه حمار امريكي سريع لم تستطع سيارات الشرطة اللحاق به. ركض بعيدا ورمى بالرئيس في الوحل. اخذوه الى القصر وجلبوا له بنتين لكي تحممانه. سكبت عليه احداهما الدينول و الاخرى تايد ثم اخذتا مكنسة ومشط. وهو يصرخ: < هاي اين الشامبو الخص بي؟> ولكنهما صامتتان لا تنطقان بكلمة. غضب كثيرا وصرخ: < توقفا, والله لأحشرنكما في السجن.> ثم دفعهما ووقف. وعندما بدأ يمشي انزلق وسقط فبقيت قدماه معلقتان وهو يكرر: <والله, والله لأحشرنكما في في السجن.
-4- النفق
جلبت كتابا وجلست في حديقة الجامعة. رفعت رأسي فرأيت الشاب الذي اصطدم بي جالس على بعد امتار ويقرأ كتابا ايضا. عندما التفت ورآني ابتسم ثم عاد للقراءة. بعد دقائق قام من مكانه واقترب مني ثم قال: - مرحبا يا صاحبة الرسوم الجميلة . - اهلا... -اسمك رشا على ما اذكر؟ - نعم.. انا نسيت اسمك. - ياسين, من اصل فلسطيني. - حقا؟ اهلا وسهلا ! - ممم.. في الواقع هناك شيء في محاضرة اليوم حيرني.. - تفضل, اجلس. كان الدرس صعبا فتعاونا حتى فهمناه. ثم ذهبنا نتجول في انحاء الجامعة فرأينا قسما قديما في الخلف منفصل عن بقية الأقسام. دفعنا الباب ودخلنا. كان مثل البيت المهجور مملوء ترابا وفيه طاولة قديمة تناثر عليها الغبار وفوقها بعض قوارير الزيوت الطبية ومكونات ادوية. التفت يسارا فرأيت حفرة مظلمة. أشرت لياسين بأن نذهب لرؤيتها. اقتربنا منها وبقينا نتأمل ونفكر في ما بداخلها. قال: - لا شك انه نفق. - نعم. انظر هناك سلم. فلننزل لنرى ما بداخلها. - لا, انتظري . سكت قليلا ثم جلس على ركبتيه وادخل رأسه في النفق وصاح: <هل من احد هنا؟ هاااايي هوووو اوووو..> فرجع الصدى. وقف وقال: <لا شيء هنا. فلنخرج
-5- التظاهرة
في الفجر يصدح صوت الاذان العذب فيسمع اهالي الكهوف. يستجيب الكون لهذا النداء ويصلي. فتسجد الجبال وتسبح العصافير والانهار. في الفجر تسمع الكثير من الاصوات الرائعة باستثناء صوت المطر الذي لم نسمعه منذ زمن بعيد. فقد جفت السماء ويبست الأرض. انتظرت شروق الشمس واحضرت رسوماتي لان في ذلك اليوم كانت هناك تظاهرة ثقافية عن القضية الفلسطينية. احضر ياسين قصائده والتقينا ببقية الشباب. عندما بدأت الصق الصور مع الفتيات اتى شاب غريب, منظره يوحي بأنه ليس عربيا. كان ينظر لصوري ثم التفت لي وابتسم بسخرية وقال: - هه مبدعة انت رجع يتأمل الصور ثم تكلم: - أنتم العرب لم أر أغبى منكم قط. تظنون انكم الأفضل وأنكم ستتقدمون ولكنكم لا تحترمون حتى اشارات المرور. تظنون أن عند حرقكم علم اسرائيل تعتبرون انتصرتم. كلا ! أنتم في الواقع احرقتم اعلامكم قبل ان تحرقوا علم اسرائيل او امريكا. لن تفعلوا شيئا, لن تتقدموا ولن تهزمونا. التفتت فتاة كانت تقف ورائي وتقدمت منه وهي غاضبة: - ماذا كنت تقول؟ ياغبي, يا كافر, يا أحمق, يا ملحد, يا..... ضحك الشاب بسخرية: - هه بالضبط, بارعون في الشتم فقط. نحن اخلاقنا لا تسمح لنا بالشتم. اشتد غضب الفتاة حتى نزعت حذاءها ذي الكعب العالي وضربته به على رأسه. اسرع الشباب واخذوه بعيدا. وياسين الذي لم يكن معنا اتى يتساءل: ماذا يجري هنا؟
-6- مواطن بلا هوية
كانت تظاهرة ممتعة دامت حتى المساء. بعد ذلك خرجنا نتجول في المدينة. قلت لياسين: - كان اداؤك جميل وقصائدك رائعة. - بل صورك الاروع. ثم رفع رأسه وقال: - كل يوم تموت نجمة وتولد اخرى. جلسنا على مرتفع يطل على البحر. حيرني حزن ياسين وصمته, فسألته: - لماذا تبدو هكذا دائما؟ الا تضحك؟ رسم على وجهه ابتسامة حزينة ثم ضحك: - هههه.. ما رأيك الآن؟ - ممم. كيف أتيت من فلسطين الى هنا؟ - في الطائرة. - لااا... انت قلت انك فلسطيني. فما الذي اتى بك الى تونس؟ - اه فلسطين... قصة طويلة. - اريد ان اسمعها - قد جفت دموعي من تلك الفواجع اخذ نفسا عميقا ثم بدأ يحكي قصته: - كنت طفلا اعيش مع عائلتي التي يغمرها الدفئ. كل يوم يأتي أبي للمدرسة ليعود بي الى المنزل في بعض الاحيان تأتى امي او اخي. اعود واجد امي قد احضرت ألذ عشاء. ألعب مع اخوتي واطفال الجيران. ذات يوم لم تأت امي للمدرسة لتأخذني و لا ابي ولا حتى اخي. عدت وحدي لأجد المفاجأة.... رفع رأسه الى السماء وعيناه تلمعان, اغمضهما واخذ نفسا عميقا ثم عاد الى الكلام - لم يبق شيء.. المنزل أصبح كومة حجر.. جمعوا أشلاء والدي ووالدتي واخوتي ووضعوهم في كيس. رأيتهم يحملون الكيس ويركضون به الى السيارة والصحفيون يقفون حولي. سالت دموعي ثم أغمي عليّ. استيقظت فوجدت نفسي في مكان يشبه المستشفى وبجانبي رجل يبتسم بشفقة. هو الصحفي التونسي الذي رباني. تمنيت لو تركني مت. فوجودي بالنسبة لي لم يعد يعني شيئا. بعد سماعه انفجرت بالبكاء. نظر اليّ وقال: - لا تبكي.. لكل زلزال نهاية مهما طالت مدته.. املي بالله لا يخيب.
-7- الملحمة
جلسنا في مقهى قرب الجامعة مع زملائنا وفتحنا الحواسيب والكراسات لندرس والمذيعة في التلفزيون تتحدث: < شبت اليوم معركة بين طافس وهمروش أسفرت عن مقتل 27 شخصا من مجموعة طافس وقد صنفت صحيفة خشنروف بجربنوف همروش ضمن الفرق الاجرامية.> وقف أيمن وغير القناة بسرعة. فاذا بمذيعة في قناة اخرى تقول: < شبت اليوم معركة بين همروش وطافس تسببت في مقتل اكثر من 18 شخصا وخلفت حوالي تسعة جرحى من مجموعة همروش. وتستمر هذه القنوات الصادقة والمحايدة جزاها الله خيرا في نقل الأخبار بصفة مباشرة. ولا شك ان هؤلاء الأبطال مثل طافس و همروش سيفوزون بكأس العالم في المصارعة الجحشية لهذه السنة. خرج ياسين وجلب صحيفة ثم جلس بجانبي. فتحناها وبدأنا نقرأ الابداعات والمواضيع الرائعة. فلفت انتباهي احد المقالات, كان كالآتي: < مقتل طفل في السابعة من عمره على يد قوى مجهولة لانه جائع وبما ان الجوع يعتبر كفر يجب قتل كل فقير او جائع.
-8-الحرب
كنا في الجامعة نتابع الدرس ونصغي للاستاذة. فجأة سمعنا صوت قصف. صمتت الأستاذة وكثر ضجيج الطلبة وتساؤلاتهم ولكن الصوت تواصل واقترب اكثر. خرجنا لنرى ما يحدث, فاذا بطائرة في شكل ذبابة كتب عليها حرفي < A.A > تحدث ضجيجا قويا. القت قذائف فهرع الجميع وفزعوا. هناك شاب اصيب وفتيات اغمي عليهن. صرخ ياسين: < النفق, النفق, فليسرع الجميع ويختبأ في النفق, أيمن ادخل الفتيات في النفق بسرعة..> دخلنا النفق. رشت الفتيات الماء على وجوه صديقاتهن اللواتي أغمي عليهن. وعالج الاساتذة الشاب المتضرر. اما انا فكنت حائرة وقلقة افكر في عائلتي. حاولت الاتصال بأمي وأبي فكانت هواتفهم مغلقة. زاد قلقي واشتد خوفي فخرجت من النفق اجري. لحقني ياسين وهو يصرخ: < رشا, انتظري, الى اين انت ذاهبة؟> وقفت امام الجامعة وقلت بغضب: <هل سنبقى مكتوفي الأيدي؟ > طأطأ رأسه وهمس: < معك حق.> فجأة سمعنا صوت طفل يبكي ويطلب النجدة. التفتنا فرأينا طفلا قد انقلبت به السيارة. أسرع ياسين لينقذه ولما حاولت مساعدته انفجرت قنبلة وفصلتنا عن بعض.
-9- عاصفة النصر
جندي فلسطيني لم يتجاوز العشرين من عمره وقف فوق جسر عال ورمى بقنبلة على 3000 جنديا اسرائيليا كانوا مختبئين وراء الجبل. ثم نزل فرأى الأجناد قد ماتوا جميعا ولم يتبق سوى جنديا مصابا يتألم. رمى الجندي الفلسطيني بندقيته في النهر ونظر الى الجندي الاسرائيلي وصرخ: < طالما انتظرت هذه اللحظة. والله كنت سأقتلك وأشرب من دمك. ما الذي بقي بعد أن قتلتم أهلي, شردتم اخوتي, اغتصبتم ارضي, حرمتموني طفولتي, حجبتم عني النور طوال هذه السنين...> اقترب منه وداس على يده ثم جلس تحت شجرة واجهش بالبكاء. بعد ذلك مسح دموعه ووقف. ولئن اقبل على المغادرة فانه تراجع. وضع ذراع الجندي المصاب على كتفيه وقال له: < تمسك بي.> فعانقه ولكن الشباب ازداد غضبه. < غبي تمسك بي بسرعة انك تنزف بشدة يجب ان تعالج.> أخذ يساعده على المشي حتى بدأت قواه تتراجع ولم يعد يقدر. فحمله على ظهره حتى ظهر له المستشفى من بعيد. خاطب الجندي: < هيا يا غبي, انزل. ها قد اوشكنا على الوصول. انت ثقيل جدا. لم أعد اقدر على حملك. هيا يا غبي, انزل.> الا أنه صامت لا يتكلم ولا يتحرك. انزله وخضخضه وصاح وكرر ذلك عدة مرات ولكن دون جدوى. نظر الى يديه فوجدها ملطخة بالدماء. ثم التفت وراءه فرأى الدماء قد سالت على مدى الطريق. جلس ووضع يده على رأسه وبدأ يبكي. حتى سمع أصوات أطفال. التفت فاذا باطفال مسلمين ويهود ومسيحيين يلعبون بالكرة مع بعض ويضحكون. -10- اليوم الجديد استيقظت على صوت امي وهي تحاول تهدئتي: < رشا, اهدئي, اهدئي.> عانقتها وسألتها عن أبي وأختي فأخبرتني انهما بخير. وضعت يدي على رأسي لانه كان يؤلمني فوجدت ضمادة تغطي جرح صغير عندها تذكرت انه اغمي علي عندما انفجرت القنبلة. فصرخت:< ياسين ! > ثم طرق الباب. فتحته امي وعادت. نظرت الي وابتسمت: < انظري من اتى.> فطل ياسين من الباب ودخل. كانت يده مصابة. سألني: - هل انت بخير؟ - نعم, وانت؟ هل يدك بخير؟ - الحمد لله, نشكر الله, بخير لا تقلقي. - اخبرني ماذا جرى؟ هل الجميع بخير؟ - هناك من اصيب وهناك من قتل وهناك من هو بخير. لكنها امطرت فجر اليوم وجاءت عاصفة اخذت معها الزلزال. قريبا ستزهر الأرض بأكملها.
-
Eghelp- مشرف عام
- عدد المساهمات : 2821
مواضيع مماثلة
» قصة زوجتي - المتسابقة هبة الله محمد - مسابقة Eghelp الادبية مايو 2015
» قصة افواه بلا اسنان - المتسابقة تقى هنداوي - مسابقة Eghelp الادبية مايو 2015
» قصيدة لولا الملام - المتسابقة جنة الرحمن - مسابقة Eghelp الادبية مايو 2015
» قصة مبروك مبروك - المتسابقة انيسة الصديقي - مسابقة eghelp الادبية مايو 2015
» قصة الشريحة المنتقمة لسوزان حسن - مسابقة eghelp الادبية مايو 2015
» قصة افواه بلا اسنان - المتسابقة تقى هنداوي - مسابقة Eghelp الادبية مايو 2015
» قصيدة لولا الملام - المتسابقة جنة الرحمن - مسابقة Eghelp الادبية مايو 2015
» قصة مبروك مبروك - المتسابقة انيسة الصديقي - مسابقة eghelp الادبية مايو 2015
» قصة الشريحة المنتقمة لسوزان حسن - مسابقة eghelp الادبية مايو 2015
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى